واشنطن- الراية- د ب أ: سلَّطت وكالةُ الأنباءِ الألمانيَّة الضوءَ على استعدادات قطر لانطلاق بطولة كأس العالم فيفا قطر 2022 بعد حوالَي شهر تقريبًا، وكذلك خططها الاستراتيجية لمرحلة ما بعد المونديال، وفي هذا الإطار أوردت الوكالة تحليلًا لمجلة ناشونال إنتريست الأمريكية عن الأهداف القطرية من استضافة المونديال، وتأثيره على عملية النمو في البلاد. وأكدت أن جماهير المونديال ستنقل للعالم صورة قطر المشرقة، وقالت الوكالة: «من المتوقع أن تجتذب بطولة كأس العالم التي ينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) على مدى 29 يومًا -وتنطلق في 20 نوفمبر المقبل في دولة قطر- أكثر من 1.2 مليون زائر. ومن المتوقع أيضًا زيارة أكثر من 1.7 مليون شخص لقطر أثناء البطولة، حيث سيكون هناك حوالي 500 ألف زائر في البلاد في أكثر الأيام ازدحامًا. ويقول الدكتور سهيل محمود، المحلل السياسي المستقل الذي يقيم في مدينة تشابل بكارولينا الشمالية: إنَّ ملايين كثيرين سوف يتعرفون بشكل أفضل على صورة قطر المشرقة، من خلال وسائل الإعلام المطبوعة وشبكات الإذاعة والتلفزيون، ومن منشورات التواصل الاجتماعي التي ستصدر عن المشجعين والفرق المشاركة، والصحفيين المتواجدين في قطر. وتشيرُ التقديرات إلى أنَّ حجم إنفاق قطر للإعداد لبطولة كأس العالم بلغ 200 مليار دولار. ويرى الدكتور محمود -الذي تلقى تعليمه العالي في الولايات المتحدة وقام بالتدريس لمدة حوالي 33 عامًا في جامعات مختلفة في باكستان والولاياتالمتحدة- أنَّ استضافة كأس العالم تعد جزءًا من رؤية قطر الوطنية 2030، وهي مبادرة حكوميَّة لتحويل قطر إلى مجتمع عالمي وتوفير مستوى معيشة أعلى. وقال الدكتور محمود في تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية: إنَّ خطط التنمية الدولية المرتبطة برؤية قطر الوطنية 2030 تشمل مشروعات ذات صلة مباشرة بكأس العالم، وتهدف إلى تعزيز الاستمرارية لما بعد البطولة. وقامت قطر ببناء المرافق الأساسية الضرورية لاستضافة حوالي 1.3 مليون زائر أثناء فعاليات البطولة التي تستغرق شهرًا، وبالإضافة إلى بناء استادات على أحدث طراز، أنشأت قطر شبكة مترو حديثة، ووسعت نطاق مطارها، وشيَّدت مناطق جديدة داخل العاصمة، الدوحة.
ويقولُ الدكتور محمود، الذي عمل مستشارًا للبنك الدولي وبرنامج الأمم المُتحدة الإنمائي والاتِّحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة: إنَّ صادرات النفط والغاز ركيزة اقتصاد قطر، التي تمتلك ثالث أكبر احتياطي غاز طبيعي في العالم. ورغم أن الموارد الطبيعية ساهمت في رخاء البلاد، فإن قوى السوق التي تهيمن على صادرات المواد الهيدروكربونيَّة تسفر عن تقلب في الإيرادات. وبالتالي تهدف قطر إلى زيادة حجم اقتصادها الذي لا يعتمد على الطاقة، حيث تطمح لأن تصبح مركزًا تجاريًا وسياحيًا في المنطقة. وتعتبر استضافة كأس العالم أمرًا أساسيًا لتحقيق هذه الطموحات. ففي الفترة ما بين 2013 و2018، نقص نصيب المواد الهيدروكربونية في إجمالي الناتج المحلي من 55% إلى 39%، ما يعكس من ناحية زيادة الإنفاق المرتفع المرتبط بالاستعدادات لكأس العالم. ودعمت البطولة التطورات في القطاعات الحيوية غير المرتبطة بالطاقة، وسيكون نموُّها المتواصل أولوية بالنسبة لقطر بعد نهاية كأس العالم.
وقامت قطر بإنشاء المرافق بصورة استراتيجية لكي تفيد الاقتصاد بعد كأس العالم. ومن المحتمل أن يؤدي استثمار قطر المستمر في تحديث مرافقها إلى توسيع نطاق مبادرات النقل، والتجارة والاقتصاد.
ومن المقرر أن تعزز قطر قوتها الناعمة، وإعادة تحديد تأثيرها، ومكانتها، ووضعها، ومرافقها، وأهداف سياستها الخارجية. وسوف تستفيد البلاد اقتصاديًا من كأس العالم. وتتوقع قطر أن يضيف الحدث 17 مليار دولار لاقتصادها. وتشير توقعات أخرى إلى أن نمو إجمالي الناتج المحلي القطري سوف يوفر فرصة دخل بقيمة 4 مليارات دولار من وراء إنفاق السائحين في الشرق الأوسط.
وتهدف قطر إلى تحويل مرافق كأس العالم إلى مجتمعات، ومدارس، ومستشفيات جديدة، وكذلك إلى نقاط انطلاق لتدفقات السياحة. وتتصور رؤية قطر الوطنية 2030 اقتصادًا متنوعًا يقوم فيه القطاع الخاص بدور بارز. وحظيت السياحة بدفعة قوية من الاستثمارات الكبيرة في النقل والمرافق الحضرية، مثل مطار حمد الدولي، الذي تم افتتاحه عام 2014، وإقامة فنادق جديدة، ومنتجعات، وأسواق كبرى، ومراكز مؤتمرات.
وسوف تعزز كأس العالم مركز قطر على خريطة السياحة العالمية. وظهر الزخم الإيجابي لقطاع السياحة في قطر في النصف الأول من عام 2022 حيث ظلت مقصدًا سياحيًا حيويًا في المنطقة.
ويقدر الفيفا أن حوالي ثلاثة مليارات شخص سوف يشاهدون كأس العالم، ومن الممكن أن يسعى نحو 40 مليون شخص لزيارة قطر بعد انتهاء البطولة. ومن المتوقع أن يزور حوالي ثلاثة ملايين شخص قطر في عام 2023. وتدرك حكومة قطر خطر جائحة «كوفيد-19»، وتسعى جاهدة لضمان سلامة المواطنين والمقيمين والزائرين بالنسبة لأي أخطار صحية. وأنجزت قطر بنجاح أكبر حملة تطعيم في تاريخ البلاد. وسوف تساعد التحديثات الأخيرة في سياسة السفر والعودة بالنسبة لـ»كوفيد-19»، في اجتذاب المزيد من الزائرين قبل بطولة كأس العالم، ما يزيد من تعزيز قطاع السياحة في قطر. ففي الرابع من سبتمبر الماضي ألغت قطر قائمة الدول الخاضعة «لإجراءات الصحة الحمراء» بالنسبة لجائحة «كوفيد-19»، ومتطلبات الحجر بالنسبة للقادمين من الخارج. لكن مطلوب ممن تثبت إصابتهم بالمرض أن يخضعوا للعزل والحجر. وعالميًا، تشير كل الدلائل الحالية إلى أن قطر بدأت العودة للحياة الطبيعية إلى ما قبل عام 2019. وعاد مرة أخرى السفر لأغراض الترفيه والعمل.