قطر تستضيف مؤتمرًا مصيريًا للأمم المتحدة

بتوجيهاتٍ ساميةٍ من حضرةِ صاحبِ السُّموِّ الشَّيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدَّى، تستعدُّ دولةُ قطر لاستضافةِ مؤتمرِ الأمم المتحدة الخامس المعنيّ بأقلِّ البلدان نموًا خلال الفترة من 5- 9 مارس المقبل.

وقالَ سعادةُ الشَّيخ محمَّد بن عبدالرحمن آل ثاني، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية في الجلسة الافتتاحية للجزء الأول للمؤتمر التي عُقدت في نيويورك برئاسته مارس الماضي: إنَّ دولة قطر بادرت لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعنيّ بأقل البلدان نموًا، بتوجيه من سُموِّ الأمير المُفدَّى، واستنادًا لسياستها القائمة على الشراكة مع المجتمع الدولي، مؤكدًا أننا على ثقة بأنَّ هذا المؤتمر سيُساهم في تلبية احتياجات وأولويات هذه البلدان، ودعم مسيرتها نحو تحقيق التنمية فيها للسنوات العشر القادمة.

وترصدُ الراية أبرزَ قضايا وأهداف المؤتمر الأممي المصيري للعديد من الشعوب، الذي سيقام لأول مرة على أرض عربية في تقدير دولي وأممي كبيرَين لدور قطر ودبلوماسيتها النشطة إقليميًا ودوليًا فيما يتصدر أهداف المؤتمر تعزيز التعاون الدولي المشترك لمواجهة تحديات الفقر وسوء التغذية والتنمية، وأيضًا توقيته المهم في خضم ما يموجُ به المجتمعُ الدولي من تحديات وأزمات عابرة للحدود لا تقتصر على شعوبها وتتجاوز جغرافيتها إلى بقية العالم، مثل تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية على عجلة الاقتصاد العالمي، وأيضًا أهمية برنامج عمل الدوحة للعقد 2022-2031 الذي يحدد التعاون الجماعي وتضافر الجهود الدولية لتنفيذه مصيرَ أقل البلدان نموًا لعشر سنوات مقبلة بعد اعتماده بتوافق الآراء داخل المنظمة الأممية.

  • تداعيات كورونا والحرب وضعف سلاسل الغذاء والطاقة طالت جميع الشعوب
  • التحدي الأكبر يكمن في تنفيذ سياسات فعّالة للتغلب على الفقر وسوء التغذية

 

 

توقيت المؤتمر

يكتسبُ المؤتمرُ وتوقيتُه أهميةً استثنائية لتعزيز قدرة المجتمع الدولي على مواجهة التحديات العالمية المُشتركة التي أثبتت أزمات -مثل جائحة كورونا، وقضايا اللجوء والنزوح الناجمة عن إكراهات الطبيعة والبشر من كوارث وصراعات، وصولًا إلى تأثر حركة التجارة والاقتصاد العالمي ونقص إمدادات الطاقة والغذاء بالحرب الروسية الأوكرانية- أنَّها تحديات عابرة للحدود وتمسّ الجميع -وبصورةٍ أعمق- الدولَ الأكثر ضعفًا وحرمانًا والأقل نموًا، التي تشمل 46 دولة على قائمة الأمم المتحدة، ويعيش بها 880 مليون نسمة يشكلون 12 % من سكان العالم، وتساهم كلها بأقل من 2% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ونحو 1 % فقط من التجارة العالمية بحسب إحصائيات الأمم المتحدة.

التزام قطر

تؤكدُ مبادرة قطر -لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعنيّ بأقل البلدان نموًا- التزامَها بالشراكة مع المجتمع الدولي لمواجهة تلك التحديات، وبينما تؤكد تلك المبادرة حرص دولة قطر -من منطلق قيم عربية وإنسانية- على دعم قضايا أقل البلدان نموًا، إلا أنه لا مفرَّ من التزامات دولية مشتركة لتخفيف وطأة الأزمات العالميَّة العابرة للحدود، وتعزيز التضامن والدعم من كافة أعضاء المجتمع الدولي لتحقيق الأهداف المرجوة.

أوَّل مرَّة في المنطقة

تعكسُ استضافةُ قطر -المؤتمر لأول مرة في المنطقة العربية والشرق أوسطية منذ إنشاء فئة أقل البلدان نموًا بالأمم المتحدة عام 1971- تقديرًا أمميًا كبيرًا لدور قطر الإيجابي وسياستها الخارجية المُتزنة ودبلوماسيتها النشطة، التي ترتكز على تعزيز التعاون والشراكة الدولية ومبدأ الحوار والتفاوض لحل النزاعات وطرح المبادرات لخير الشعوب، حيث استضافت باريس المؤتمرَين الأول والثاني عامَي 1981 و1990، ثم الاتحاد الأوروبي في بروكسل عام 2001، والرابع في إسطنبول عام 2011.

ووَفقَ قرارٍ تقدَّمت به مجموعة ال (77) والصين بالأمم المتحدة، حدَّدت فيه تواريخ انعقاد المؤتمر الخامس لأقلّ البلدان نموًا، تم عقد الجزء الأول من المؤتمر برئاسة سعادة الشَّيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية في نيويورك مارس الماضي، على أن يُعقد الجزء الثاني من المؤتمر في الدوحة على أرفع مستوى بحضور رؤساء الدول والحكومات مارس المقبل.

برنامج عمل الدوحة

في مارس الماضي، رحَّبت دولة قطر باعتماد برنامج عمل الدوحة لمُؤتمر الأمم المُتحدة الخامس لأقلِّ البلدان نموًا للعقد 2022-2031، بتوافقِ الآراء، واعتبرت اعتماد البرنامج في الجزءِ الأوَّل من المؤتمر إنجازًا مهمًا سيساهم في إضفاء زخم إيجابي للجهود والتحضيرات لعقد الجزء الثاني من المُؤتمر بالدوحة.

وقالَ سعادةُ الشَّيخ محمَّد بن عبدالرحمن آل ثاني، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجيَّة: إنَّ برنامج عمل الدوحة سيكون خريطة طريق وأساسًا متينًا لرفع مُستوى الطموح وعدم ترك أحدٍ خلف الركب، وذلك لما ينطوي عليه من أدوات وتدابير مهمّة لإحداث التغيير، وما يعكسه من التزام لكافة الشركاء لتوفير المزيد من الموارد، وتحقيق الإمكانات الكاملة التي تتيحها العلوم والتكنولوجيا والابتكار، وصولًا إلى التنمية الشامِلَة.

كما لفتَ سعادتُه إلى أنَّ التمكُّن من ترجمة مُجمَل الوعود والالتزامات طويلة الأجل إلى إجراءات عملية يتطلَّب تعاون جميع الشركاء، مؤكدًا أنَّ دولة قطر ستواصل سياستها المُستندة لروح التعاون والمبادرة، وأننا نمتلك القُدرة والفرصة ليكون هذا المؤتمر مُنعطفًا مُهمًا للاستجابة لتطلعات البلدان الأقل نموًا من خلال تعاون الجميع.

فاعلية التنفيذ

يحدد تضافرُ الجهود الدولية لتنفيذ برنامج عمل الدوحة مصير أقل البلدان نموًا لعشر سنوات قادمة. وأوضحت سعادةُ الشَّيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة، أن اعتماد برنامج عمل الدوحة يمثل مرحلة جديدة، مُعربةً عن قناعة دولة قطر الراسخة، أنَّ النجاح الجماعي في هذا المسعى يَكمُن في فعاليَّة التنفيذ الكامِل لهذا البرنامج من قِبل كافة الشركاء والجهات المَعنية.

وشدَّدت سعادتها على أن دولة قطر لن تألوَ جهدًا لمواصلة بذل كافة المساعي ليكون المؤتمر حدثًا فارِقًا ويرتقي لمستوى تطلعات وتوقعات أقل البلدان نموًا في مسيرتها نحو تحقيق النمو والازدهار.

ويعد برنامج عمل الدوحة أول برنامج يتصدى للتحديات المرتبطة بتداعيات فيروس كورونا على أقل البلدان نموًا، وما يُشكلهُ أيضًا من برنامج تحولي لإحداث التغيير المنشود وبناء مجتمعات قادرة على الصمود، خاصةً في إطار ما ينطوي عليه من تدابير ومبادرات والتزامات هامة وطموحة من قِبَل الجميع. وتعهدت دولة قطر أن يكون برنامج عمل الدوحة نقطة انطلاق لإحداث تغيير تحولي في حياة الملايين من الذين يعيشون في أكثر البلدان ضعفًا، ووضع أقل البلدان نموًا على المسار المنشود في مسيرتها نحو التنمية المستدامة والشاملة.

أقل البلدان نموًا

اعترفت الأمم المتحدة عام 1971 بأقل البلدان نموًا كفئة من الدول التي تعتبر شديدة الحرمان في عملية تنميتها لأسباب هيكلية وتاريخية وجغرافية. وتشمل القائمة الأممية لأقل البلدان نموًا 46 دولة هي: أفغانستان، أنغولا، بنغلاديش، بنين، بوتان، بوركينا فاسو، بوروندي، كمبوديا، جمهورية إفريقيا الوسطى، تشاد، جزر القمر، جمهورية الكونغو الديمقراطية، جيبوتي، إريتريا، إثيوبيا، غامبيا، غينيا، غينيا بيساو، هايتي، كيريباتي، جمهورية لاو الديمقراطية الشعبية، ليسوتو، ليبيريا، مدغشقر، ملاوي، مالي، موريتانيا، موزمبيق، ميانمار، نيبال، النيجر، رواندا، سان تومي وبرينسيبي، السنغال، سيراليون، جزر سليمان، الصومال، جنوب السودان، السودان، تيمور الشرقية، توغو، توفالو، أوغندا، جمهورية تنزانيا المتحدة، اليمن، زامبيا.

 

3 معايير أممية

تحدّد ثلاث معايير أممية حالة أقل البلدان نموًا وهي الدخل الفردي والأصول البشرية والضعف الاقتصادي. وتواجه أقل البلدان نموًا، أكثر من الدول الأخرى، مخاطر الفقر المدقع والبقاء في حالة تخلف. ولا يزال أكثر من 75 في المئة من سكان أقل البلدان نموًا يعيشون في فقر. كما تتسم هذه الدول بضعفها أمام الصدمات الاقتصادية الخارجية والكوارث الطبيعية وغيرها من صنع الإنسان، وكذلك الأمراض المُعدية. وعلى هذا النحو، فإن أقل البلدان نموًا بحاجة إلى أعلى درجة من الاهتمام من المجتمع الدولي.

التحدي الأكبر

لا تزال مجموعة الدول الأقل نموًا تعاني رغم الامتيازات الممنوحة لها من حيث تمويل جهود التنمية من الجهات المانحة والمؤسسات المالية والوصول التفضيلي إلى الأسواق والمعاملات الخاصة والدعم الفني من أجل تعميم التجارة. وتعد التنمية الاقتصادية المتسارعة في أقل البلدان نموًا في صميم الجهود المبذولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وبحسب الأمم المتحدة فإنه لا يقتصر الأمر على تناول قضايا انتشار الفقر وسوء التغذية في هذه المجموعة من الدول، ولكن اختيار وتنفيذ سياسات فعالة للتغلب على هذه المشاكل هو التحدي الأكبر.